العدوى البكتيرية - رؤية علمية وصيدلانية متخصصة
فهم دور البكتيريا في صحة الإنسان
الصيدلي/ ياسر شبيكة
نوفمبر 2025
yassir.shibeika@gmail.com
أولاً: ما هي البكتيريا؟
✓ البكتيريا كائنات مجهرية وحيدة الخلية، توجد في كل مكان على سطح الأرض — في الهواء والماء والتربة، وعلى النباتات والحيوانات، بل وداخل أجسامنا أيضًا. ورغم أن كلمة «بكتيريا» تُستخدم غالبًا بمعنى سلبي، فإن الحقيقة أن أغلب أنواعها غير ضارة وبعضها نافع وضروري للحياة.
✓ في الجهاز الهضمي للإنسان، تساعد البكتيريا الجيدة على الهضم وإنتاج الفيتامينات، كما تُسهم في دعم المناعة من خلال منع تكاثر البكتيريا الضارة.
✓ إدراك هذا التوازن الحيوي ضروري للصيادلة عند توعية المرضى بأهمية الحفاظ على الميكروبيوم البشري وخاصة بعد استخدام المضادات الحيوية.
ثانياً: ما هي العدوى البكتيرية؟
✓ العدوى البكتيرية هي تكاثر غير طبيعي لسلالة ضارة من البكتيريا داخل الجسم أو على سطحه، مما يؤدي إلى ظهور أعراض المرض.
✓ تستطيع البكتيريا إصابة أي جزء من الجسم مثل الرئتين، أو الدماغ، أو الجلد، أو المسالك البولية.
✓ تُصنّف البكتيريا حسب شكلها إلى:
- عصوية (Bacilli)
- كروية (Cocci)
- حلزونية (Spirilla)
كما تُقسم إلى موجبة الجرام وسالبة الجرام حسب تركيب جدارها الخلوي، ويُحدد ذلك باستخدام اختبار - صبغة جرام.
ثالثاً: الفرق بين البكتيريا والفيروسات
✓ البكتيريا خلايا حية قادرة على التكاثر الذاتي، أما الفيروسات فليست كائنات حية، بل تحتاج إلى خلايا العائل لتتكاثر.
✓ لذلك، المضادات الحيوية فعالة ضد البكتيريا فقط، ولا تؤثر في الفيروسات.
✓ هنا يظهر الدور التوعوي للصيدلي في منع الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية في حالات البرد والإنفلونزا الفيروسية.
رابعاً: أشهر أنواع العدوى البكتيرية حسب مكان الإصابة
• عدوى الجلد والأنسجة الرخوة
تشمل التهاب النسيج الخلوي (Cellulitis)، والدمامل (Boils)، والقوباء (Impetigo)، وتحدث غالبًا بسبب Staphylococcus aureus أو Streptococcus pyogenes.
✓ العلاج يكون بـ المضادات الحيوية الموضعية أو الفموية حسب شدة الحالة.
✓ الصيدلي هنا مسؤول عن توعية المريض بـ نظافة الجلد ومنع انتقال العدوى.
![]() |
| عدوى الجلد والأنسجة الرخوة |
• العدوى المنقولة بالغذاء
تنتج عن تناول أطعمة أو مياه ملوثة بأنواع مثل E. Coli، Salmonella، Listeria، وVibrio.
✓ تظهر الأعراض في شكل إسهال، تقلصات بالبطن، قيء، حمى، وقشعريرة.
✓ يُنصح المرضى بـ الإكثار من السوائل وتجنب الأطعمة غير المطهية جيداً.
![]() |
| العدوى المنقولة بالغذاء |
• العدوى المنقولة جنسيًا
منها الكلاميديا (Chlamydia)، السيلان (Gonorrhea)، والزهري (Syphilis).
✓ تُسببها بكتيريا Chlamydia trachomatis وNeisseria gonorrhoeae وTreponema pallidum
✓ يجب على الصيدلي تعزيز الوعي بـ الفحص المبكر، والالتزام بالعلاج، والممارسات الآمنة.
خامساً: المضادات الحيوية وآلية عملها
تعمل المضادات الحيوية عبر تثبيط نمو البكتيريا أو قتلها، وذلك بتعطيل عمليات حيوية مثل:
- بناء الجدار الخلوي (مثل البنسلين والسيفالوسبورينات)
- تصنيع البروتين (مثل الماكرولايدات والأمينوجليكوزيدات)
- تخليق الأحماض النووية (مثل الكينولونات)
دور الصيدلي هنا هو اختيار المضاد الحيوي المناسب وتحديد الجرعة والمدة المثالية، مع مراقبة التداخلات الدوائية والآثار الجانبية.
سادساً: مقاومة المضادات الحيوية
أدت إساءة استخدام المضادات إلى ظهور سلالات مقاومة مثل ESBL-E وCRE وMRSA.
✓ تُعد هذه المقاومة من أكبر تهديدات الصحة العامة عالميًا.
✓ يتعين على الصيادلة تطبيق برامج ترشيد استخدام المضادات الحيوية (Antimicrobial Stewardship) من خلال:
- تقليل الوصف غير المبرر
- المراجعة الدورية للعلاج
- تثقيف الكوادر الصحية والجمهور
سابعاً: بروتوكولات العلاج الحديثة للعدوى (2024–2025)
وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية (WHO) وجمعية الأمراض المعدية الأمريكية (IDSA):
المبادئ العامة
- جمع العينات قبل بدء العلاج.
- اختيار المضاد الحيوي بناءً على نوع العدوى وموقعها وحالة المريض.
- مراجعة العلاج خلال 48–72 ساعة بعد ظهور نتائج الزراعة.
العلاج التجريبي (Empiric Therapy)
• استخدام مضاد واسع الطيف مبدئيًا مثل Piperacillin–Tazobactam أو Ceftriaxone عند الاشتباه بعدوى خطيرة.
• بعد تحديد نوع البكتيريا، يتم تضييق نطاق العلاج (De-escalation) إلى مضاد نوعي.
العدوى بالمكروبات المقاومة
- ESBL-E: يُفضل استخدام الكاربابينيمات مثل Meropenem أو Imipenem.
- CRE: يُنصح باستخدام Ceftazidime–Avibactam أو Meropenem–Vaborbactam أو Cefiderocol.
- MRSA: يُعالج بـ Vancomycin أو Linezolid حسب شدة العدوى.
- عدوى الأطفال حديثي الولادة: مزيج من Ampicillin + Gentamicin ما زال هو المعيار الأساسي.
مدة العلاج
• معظم العدوى تستجيب لـ دورات قصيرة من 5 إلى 7 أيام عند تحسن الحالة السريرية.
• الصيدلي مسؤول عن مراقبة الاستجابة ومنع التوقف المبكر أو الاستخدام المفرط."
ثامناً: دور الصيدلي في الجودة وترشيد المضادات
الصيدلي هو محور الجودة في الممارسة العلاجية، فهو يضمن:
- الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية.
- تدريب الطواقم الصحية على أحدث الإرشادات.
- متابعة تطبيق سياسات مكافحة العدوى في المؤسسات الصحية.
كما يضطلع الصيدلي بدور تثقيفي مهم للجمهور حول خطر الاستخدام العشوائي للمضادات وأهمية إكمال الجرعة المقررة.
تاسعاً: الخلاصة
ضمان سلامة المريض وجودة الممارسة العلاجية
- أغلب أنواع البكتيريا نافعة وقليلة فقط هي المسببة للأمراض.
- المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات.
- الاستخدام غير الرشيد يؤدي إلى مقاومة خطيرة.
- الصيدلي هو الركيزة الأساسية لضمان سلامة المريض وجودة الممارسة العلاجية.
الموارد الرئيسية حول مقاومة مضادات الميكروبات
المراجع
- IDSA Antimicrobial-Resistant Gram-Negative Infections Guidance, 2024.
- WHO: Treatment of Serious Bacterial Infections in Infants, 2024.
- CDC: Antibiotic Resistance Threats Report, 2024.
- NIH: Principles of Antimicrobial Stewardship, 2025.












